مع دخول العدوان الإسرائيلي المفتوح ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة شهره الثاني، يتكشف للعالم أجمع حجم التغول الإسرائيلي في ارتكاب الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية والتي تعدت مسألة حرب أو عدوان لاستعادة أسرى بل كشفت عن الوجه الحقيقي المفضوح لنا أساسا والمتمثل بحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني برمته من طفله إلى شيخه .
غارات إسرائيلية لم تستثن الحجر أو البشر ولم تفرق بين طفل وشيخ أو سيدة، بين مدرسة أو منزل أو مستشفى، كلها أهداف “مشروعة” لـ “مغول العصر” الجديد كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يتجبر ويتفاخر باستهداف أطفال غزة ونسائها على أنها أهداف مشروعة يجب القضاء عليها.
أهداف الكيان في الأيام الأخيرة من عدوانه على قطاع غزة تتمثل باستهداف المستشفيات في قطاع غزة، وسط صمت دولي مطبق وحماية أمريكية بريطانية من أي قرار لمجلس الأمن الدولي يدين هذه الجرائم التي وصفت بعرف الأمم المتحدة أنها جرائم ضد الإنسانية وحرب الإبادة الجماعية التي يعاقب عليها القانون الدولي.
قوات الاحتلال تواصل مجازرها الجماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع ، وسط تكثيف الغارات والقصف العنيف على مستشفيات الشفاء والقدس والإندونيسي والنصر للعيون، فضلاً عن تدمير أي هدف يتحرك باتجاه أي من مستشفيات شمال ووسط غزة، وذلك في أبشع جريمة يرتكبها الاحتلال في تاريخ الإنسانية جمعاء ،حيث لم ينج البشر أو الحجر من القصف العنيف الذي يستهدف القطاع، كما دمر جيش الاحتلال مبنى القلب بالكامل في مجمع الشفاء الطبي.
إسرائيل “مغول العصر” ارتكبت جريمة الإبادة الجـماعية ولا تزال في قطاع غزة حتى قبل الأحداث التي اندلعت عقب العملية النوعية للمقاومة الفلسطينية في ال7 من تشرين الأول الماضي ، ولا تزال فصول “جريمة الإبادة الجماعية” التي تنفذها مستمرة بغطاء من أنظمة الحكم الأميركية الأوروبية ، التي أسست الكيان الصهيوني على الأرض الفلسطينية وهجرت شعبها في أصقاع العالم، في تصرف يجعل الدول التي تغطي تلك الجريمة شريكة فيها، ويقتضي القانون الدولي بمحاكمتها مع “إسرائـيل” المرتكبة المباشرة لجريمة الإبادة الجـماعية.
ولن تكون “إسرائيل” وداعموها بمنأى، يوماً ما، عن المحاسبة، إذ لا تسقط جريمة الإبادة الجـماعية بالتقادم، سواء ارتكبت وقت الحرب أو وقت السلم، ، كما نصت على ذلك اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ، ولذلك يمكن الشروع بالإجراءات القضائية مهما كانت الفترة الزمنية التي مضت على ارتكاب الجريمة.
ورغم ادعاء دول الغرب الدفاع عن حقوق الإنسان لسنوات خلت، إلا أنها برهنت خلال العدوان على غزة وعلى رأسها الولايات المتحدة، أنها جهات محرضة ومشتركة في جرائم الإبادة الجمـاعية في غزة، وذلك من خلال اعتبار كل ما تقوم به “إسرائيل” بمثابة ما سمته واشنطن “دفاع عن النفس”، على الرغم من أنها كيان احتلال لا ينطبق عليها مبدأ الدفاع عن النفس.
تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة حلل فيها دم أهل غزة وأعطى “إسرائيـل” الضوء الأخضر لارتكاب إبادة جماعية، حتى إنه وافق على مسعى إسرائيل لطرد أهالي غزة من أرضهم إلى صحراء سيناء، وظهر الدور الأميركي المباشر في الإبادة الجمـاعية من خلال زيارات وزير الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن، وتأكيد جميع مسؤولي وموظفي الإدارة الأميركية تأييدهم لما تقوم به إسرائيل من جرائم ، وتزويدها بأنواع من الذخائر المحرمة دولياً وتلك التي لا يجب أن تُستخدم ضد السكان ومساكنهم، كما لا يمكن استثناء قادة بريطانيا وفرنسا وغيرها من المسؤولية عبر تأييدهم الجريمة مباشرة، أو من خلال سكوتهم عنها.
انتهاكات كثيرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء العدوان على غزة، باستهداف المدنيين، ومنشآتهم، مع فرض حصار لمنع المساعدات من الدخول إلى القطاع، تزامناً مع دعوات لتهجير السكان من مناطقهم، ودفعهم إلى المغادرة إلى دول الجوار، لتشكل الممارسات الإسرائـيلية في مجموعها جرائم دولية في إطار مخالفتها الصريحة لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، في إطار جرائم الحرب وجريمة الإبادة الجماعية، والتي يقع مرتكبوها تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية، بحسب ميثاق روما المؤسس للمحكمة، وهو ما يعكس الحالة الوحشية للعدوان، وطبيعة أهدافه، التي تتجاوز الانتقام، إلى حد تصفية القضية الفلسطينية.
ورغم أن كيان الاحتلال ضرب عرض الحائط بكل القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية أو حتى بالنسبة للجولان السوري المحتل بدعم فاضح من واشنطن ودول الغرب ، إلاّ إنه من الضروري استخدام كل ما هو متاح من آليات لملاحقة مرتكبي الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في “إسرائيـل”، وكلها جرائم لا تسقط بمرور الوقت.
أديب رضوان- سونا نيوز
أقرأ أيضاً:“طوفان الأقصى” .. حين تنفضح الرواية الإٍسرائيلية
أقرأ أيضاً:أردوغان و”دموع التماسيح” على غزة