يوم بعد يوم تتنامى حالة الرفض الشعبي لتواجد “قسد” في منطقة الجزيرة السورية، وترتفع الأصوات أكثر فأكثر مطالبة بخروج الميليشيا المرتبطة بالاحتلال الأمريكي من المناطق التي تسيطر عليها في كل من ريف دير الزور والرقة والحسكة، وطرد الاحتلال الأمريكي الذي يتخذ من ميليشيا “قسد” أجيراً يساعده في تنفيذ سياسته لتقسيم المنطقة، ويعمل خادماً تحت أمرته في سرقة ونهب خيرات وثروات الجزيرة السورية، من نفط وقمح وغاز وآثار وغيرها.
ورغم أن مشاهد التعبير عن الرفض الشعبي التام لميليشيا “قسد” لم تنقطع منذ ظهورها، إلا أن وتيرتها ارتفعت بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، في ظل تمادى قادة وعناصر الميليشيا في ممارساتهم التعسفية بحق الأهالي ولاسيما بما يتعلق بسيطرة القادة الكرد على صناعة القرار في المنطقة والذين يتعاملون بنزعة عرقية ويمارسون أبشع أنواع الاستغلال ومحاولة إذلال أبناء المكون العربي.
إضافة الى تكثيف الميليشيا لعمليات اعتقال واختطاف الشبان والأطفال وحتى الفتيات وسوقهم إلى معسكرات التجنيد الإجباري بذريعة الاستعداد لمواجهة التهديدات التركية بشن عمليات عسكرية تستهدف المناطق التي تسيطر عليها “قسد”.
وتزامن ذلك كله مع ارتفاع وتيرة عمليات نهب وسرقة خيرات الجزيرة السورية التي يقوم بها الاحتلال الأمريكي بمساعدة قادة الميليشيا حيث سجلت الأيام القليلة الماضية سرقة مئات صهاريج النفط السوري التي قام الاحتلال بإخراجها من الأراضي السورية عبر المعابر غير الشرعية إلى قواعده في شمال العراق.
وقبل ذلك كله تأتي حالة الوضع المعيشي السيء الذي يعاني فيه الأهالي في المناطق التي تسيطر عليها “قسد” من غياب تام للخدمات وفقدان للأمن مع ارتفاع مخيف لعدد الجرائم من قتل وسلب واختطاف وأخذ بالثأر، وتفشي لظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها.
مشهد الرفض لـ “قسد” والاحتلال الأمريكي تمثل في الآونة الأخيرة بعقد ملتقيين لعشائر وقبائل وادي الفرات، الأول استضافته مدينة موحسن في الثامن عشر من آب والثاني عقد في الأول من شهر أيلول الجاري في بلدة البوليل بريف دير الزور الشرقي، وجمع الملتقيان مئات الشيوخ والوجهاء من كافة قبائل وعشائر وادي الفرات.
الذين جددوا في المناسبتين رفضهم المطلق لتواجد الميليشيا في منطقة الجزيرة وطالبوا بخروجها وطرد الاحتلال الأمريكي، وشددوا على أهمية دعم المقاومة الشعبية كسبيل لمقاومة الاحتلال وأذنابه، ونددوا بمواقف وممارسات من نصبتهم “قسد” والاحتلال الأمريكي، كشيوخ ووجهاء “مزورين” للعشائر والذين يتبرأ منهم ومن أفعالهم كل من حمل في رأسه ذرة من النخوة العربية.
ليأتي البيان الذي أصدره شيوخ القبائل والعشائر العربية في منطقة الجزيرة في السابع من شهر أيلول الجاري، والذي نص على استنكار وشجب السياسة الانفصالية لميليشيا “قسد” وأعمالها التخريبية التي تقود إلى تقسيم الوطن وإعادة ظهور التهديدات الإرهـابية.
والتأكيد على أن متزعمي الميليشيا غير قادرين على تحقيق الأمن والاستقرار في الأراضي التي تقع تحت سيطرتهم، والاشارة إلى أن هدفهم الوحيد هو المحافظة على السلطة وتحقيق المنافع الشخصية على حساب المتاجرة بمصادر الثروات الطبيعية التي هي ملك لكل الشعب السوري، والمطالبة بإعادة هذه الأموال وكل المواد المنهوبة إلى مالكها الحقيقي.
وفي استشراق لمشهد الأحداث في المنطقة، فإن قراءة الواقع تشي بأن حالة الرفض الشعبي لـ “قسد” ستتواصل، وعمليات المقاومة الشعبية، التي يجمع كل شرفاء الوطن وفي مقدمتهم شيوخ ووجهاء وأعيان العشائر على دعمها، ستتخذ طابعاً أكثر تنظيماً وأشد قوة، وسيزداد عدد المنضمين لصفوف المقاومة الشعبية التي أثبتت الوقائع أنها من أشد أنواع الرد ايلاماً على المحتل الأمريكي وتابعه “قسد”.
وما عمليات الاستهداف المتواصلة التي تطال قواعد الاحتلال الأمريكي غير الشرعية ومقرات وعناصر ميليشيا “قسد” إلا بداية لعمل قادم، سيجبر الاحتلال الأمريكي على الخروج صاغرا من أرض الجزيرة التي هي جزء لا يتجزأ من الأرضي السورية التي يشهد التاريخ أنها طردت كل الغزاة والمحتلين.
ومع خروج المحتل الأمريكي سيقذف بـ “قسد” ومن تواطئ معها الى مزبلة التاريخ وهو المكان الوحيد الذي يحتويهم ويحتوي أفكارهم ومطامعهم التي يحاولون فاشلين تحقيقها على حساب وطن توارث أبناؤه الانتماء لأرضهم واستهانوا الموت حفاظا على كرامتهم.