الرئيس الأسد لرئيس الوزراء العراقي: زيارتكم فرصة لبناء علاقة مؤسسية وتحقيق قفزة كبيرة في التعاون الثنائي بين البلدين
بحث الرئيس السوري بشار الأسد مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي وصل الى دمشق اليوم في زيارة رسمية على رأس وفد يضم الدكتور فؤاد حسين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وأثير سلمان وزير التجارة والفريق الركن قيس رحيمة نائب قائد العمليات المشتركة العلاقات الثنائية بين سوريا والعراق، وتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات بما فيها التبادل التجاري والنقل والصناعة.
كما بحث الرئيس الأسد والسوداني بدمشق اليوم التنسيق الدائم في مختلف القضايا السياسية إضافة إلى الجهود المشتركة في محاربة الإرهاب.
وشدد الرئيس الأسد ورئيس الوزراء العراقي على أن وقوف العراق وسوريا إلى جانب بعضهما في مختلف الظروف كان ترجمة حقيقية للعلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع البلدين، وأكدا على مواصلة تطوير هذه العلاقات على المستويين الرسمي والشعبي.
الرئيس الأسد اعتبر أن هذه الزيارة فرصة لبناء علاقة مؤسسية وتحقيق قفزة كبيرة في التعاون الثنائي بين البلدين، فيما أكد رئيس الوزراء العراقي أن سوريا لها مكانة خاصة في قلوب كل العراقيين، وأن الشعب العراقي يعتز بصمود الشعب السوري في مواجهة أعتى هجمة إرهابية تعرض لها.
وفي سياق متصل عقد الرئيس الأسد ورئيس الوزراء العراقي مؤتمرا صحفيا حيث أكد الرئيس الأسد أن زيارة السوداني إلى سوريا مهمة وتأتي أهميتها من طبيعة العلاقات العميقة بين الشعبين السوري والعراقي، ومن عمق التاريخ المشترك بين البلدين، التاريخ الأقدم والأعرق على الإطلاق في العالم.
وقال الرئيس الأسد: هذه المنطقة.. منطقة بلاد الشام وبلاد الرافدين كانت المصنع الأهم للأحداث الكبرى في التاريخ القديم وفي التاريخ الحديث، هذا التاريخ المشترك الذي وسم الشعبين الشقيقين السوري والعراقي بالكثير من السمات المشتركة التي انعكست بمبادئ ومصالح وعواطف مشتركة لمسناها بشكل واضح وجلي في مراحل مختلفة ولمسناها عندما وقف الشعب السوري إلى جانب شقيقه الشعب العراقي حين عانى من ويلات الحرب منذ عقدين من الزمن، ولمسناها عندما وقف الشعب العراقي إلى جانب شقيقه السوري عندما ابتدأ العدوان على سورية منذ عقد ونيف، وكان خلال تلك الحرب، العراق حكومة وشعباً هو صوت سورية بشكل حقيقي وليس بشكل افتراضي، هو صوت سورية في المحافل المختلفة العربية والإقليمية والعالمية رافضاً بشدة كل أشكال العدوان وكل تبريرات العدوان الذي انطلق على سورية، كان الشعب العراقي خلال الزلزال الذي حصل منذ أشهر قليلة أخاً حقيقياً فاندفع العراقيون جماعات وأفراداً منظمين وعفويين لإغاثة أشقائهم السوريين الذين أصابهم الزلزال.
وأضاف الرئيس الأسد: خلال الحرب قدم العراق أغلى ما يمكن أن يقدمه إنسان وهي الدماء، وكانت هذه الدماء دماء مشتركة سورية عراقية حمت الخاصرتين الغربية للعراق والشرقية لسورية، حمت الشعبين والجيشين العربيين، توحدت الساحات توحدت الدماء فتوحد المستقبل المشترك لكلينا، أستغل هذه المناسبة لكي أوجه تحية للجيش العراقي العربي الأصيل ولقوات الحشد الشعبي الذين سطروا أروع الانتصارات بالتعاون مع أشقائهم وإخوتهم في الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في سوريا.
وتابع: من كل هذا، من كل ما سبق، تأتي أهمية هذه الزيارة، هنا تكمن مسؤوليتنا كمسؤولين في البلدين وفي الدولتين أن نتمكن من القيام بخطوات عملية تتمكن من الوصول لهذه الغاية، أي تعزيز العلاقات الثنائية خاصة أننا نلتقي اليوم في ظل تحديات كبرى على المستوى العالمي، أولاً كل العالم يعاني أمنياً وسياسياً وطبعاً كنتيجة اقتصادياً، ولكل ذلك انعكاسات على دولنا، هناك تحديات نواجهها بشكل مباشر وبشكل خاص وفي مقدمتها تحدي الإرهاب والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، هذا الإرهاب الذي نراه ناشطاً وقابلاً للحياة لا يموت بفعل الإمداد الدولي وتحديداً الغربي وكلنا نعرف ماذا تعني كلمة غربي، لأنه الأداة الغربية من أجل ضرب الدول التي تتمسك باستقلالها وبقرارها المستقل وبمصالحها الوطنية، يضاف إلى ذلك أن بعض دول الجوار تورطت بشكل مباشر في دعم هذا الإرهاب إما لأسباب توسعية أو لأسباب عقائدية متخلفة كما نعرف، بالإضافة للتحدي الأكبر وهو سرقة حصة سورية والعراق من مياه نهر الفرات وما يعنيه ذلك من عطش ومن جوع بسبب الوضع الكارثي للمحاصيل و من انتشار للأمراض وتفشٍ للأوبئة والجائحات، يضاف لهذه التحديات تحديات التعدي على العرب بكل معاني التعدي في فلسطين، في الأقصى، التعدي على المقدسات، وغيرها من الأشياء التي تواجهنا كدول عربية، بالإضافة لموضوع المخدرات وهي الآفة الأخطر الآن التي تواجه الدول ولا تختلف عن الإرهاب، فهي قادرة على تدمير المجتمع بنفس الطريقة التي يفعل الإرهاب فعله في أي مجتمع.
وقال الرئيس الأسد: قضايا كثيرة تناقشنا فيها أنا والسيد رئيس الوزراء، طبعاً تحدثنا بالوضع العربي المستجد والذي نستطيع أن نصفه بالإيجابي نسبياً وليس مطلقاً، كان هذا الوضع محور نقاش موسع بيننا وركزنا حول كيفية استغلال هذا الوضع، استغلال هذه الإيجابيات المستجدة وتعزيز التعاون العربي بهدف تخفيف تداعيات الوضع الدولي المتفاقم على دولنا العربية.
وأوضح قائلاً: كلنا يعلم أن التطورات الإيجابية الأخيرة لم ترق لصناع الفوضى الدوليين وتحركوا فوراً وبسرعة من أجل إعادة عجلة التاريخ إلى الخلف، وهذا ما يستدعي المزيد من التعاون بين دولنا ثنائياً أو جماعياً عبر التجمعات الإقليمية أو عبر جامعة الدول العربية من أجل الحفاظ على ما تم تحقيقه وتطويره لاحقاً.. طبعاً مررنا على النقاط بشكل سريع.. ولأننا لم ننهِ المحادثات سوف نتابع بعد اللقاء الإعلامي، ولكن لا نريد أن نتأخر عن موعد المؤتمر الصحفي، كذلك موضوع العلاقات الاقتصادية البينية ستكون هي المحور الذي سنتابعه لاحقاً.. الخطوات العملية الممكنة لتحقيق تعزيز العلاقات بين البلدين بشكل ينعكس بالفائدة على البلدين، ويخفف من تداعيات الحصار الظالم على سورية.. النقاط التي نوقشت والأفكار التي طرحت ستُتابع من قبل المؤسسات المعنية في البلدين من أجل إنضاجها وتطويرها وتحويلها إلى خطوات قابلة للتنفيذ لاحقاً.. هناك الكثير من النقاط والمقترحات والأفكار التي أستطيع أن أصفها بأنها واعدة، ولكننا لن نتحدث عنها بالتفصيل اليوم حتى تصبح جاهزة للتطبيق أو ربما قيد التطبيق”.
بدوره أكد رئيس الوزراء العراقي أن العراق وسوريا بلدان مترابطان تاريخياً واجتماعياً وجغرافياً، بالإضافة إلى روابط الدم والقيم المشتركة والتواصل الاقتصادي والثقافي، يعزز ذلك المواقف الوطنية والإنسانية المتبادلة التي تنبع من هذه الوشائج موضحاً أن الأمن والاستقرار بين البلدين هما عاملان يدفعان نحو المزيد من الترابط والتعاون والتنسيق لمواجهة كل المخططات والتحديات التي تضر بشعبينا الشقيقين.
وجدد السوداني موقف العراق الداعم لوحدة الأراضي السورية وبسط يد الدولة السورية والقانون على أقاليمها وكامل أراضيها مؤكداً أنه موقف قانوني ومبدئي، بل هو مسألة تعني الأمن القومي العراقي أولاً، وأي جيب خارج عن السيطرة ويأوي المجاميع الإرهابية والتخريبية هو بقعة مرشحة لتهديد العراق والمنطقة والعالم بأسره.. مفتاح أمن المنطقة والاستقرار هو مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية ذات الجذر الاقتصادي، وربط الشعوب الشقيقة والصديقة بشراكات ومصالح، والاستثمار في مستقبل الشباب.
وأشار السوداني إلى أن العراق عمل جاهداً على عودة سوريا إلى موقعها الطبيعي ومقعدها في الجامعة العربية، ونعمل مع كل الدول والقوى الداعمة للاستقرار على تعافي سوريا اقتصادياً ومعالجة آثار الحرب وهو موقف أخوي لا نجزى عنه بل هو من صلب مصلحة العراق ودواعي أمن المنطقة، ولا مجال لترك سوريا تواجه المخاطر لوحدها، فالأمر سيرتد سلباً على العراق والمنطقة.
وأوضح رئيس الوزراء العراقي أن هناك تحديات مشتركة عديدة نعمل على مواجهتها واليوم زيارتنا هي للحديث في كل المجالات وتعزيز العلاقة والآفاق التي نرى من الأهمية بمكان تطويرها، والتحديات الأمنية هي بالتأكيد الشغل الشاغل، يجب علينا أن نحافظ على أمن واستقرار بلدينا الشقيقين، ونحتاج الى مزيد من التنسيق على مستوى الأجهزة الأمنية وخصوصاً في المناطق الحدودية، مشيرا الى تحدي تجارة المخدرات وشح المياه وجفاف الأنهر وتأثيراتها المناخية والبيئية على المنطقة.
ودعا السوداني إلى تحرك مشترك للحديث مع دول المنبع بشأن ضمان الحصص المائية والإطلاقات المائية العادلة لسوريا والعراق، ومعالجة مسألة اللاجئين السوريين، وقال: العراق يدعم الإجراءات الرامية لرفع العقوبات المفروضة على سورية بما يحقق مصالح الشعب السوري وضمان استمرار وصول وإدخال المساعدات والاحتياجات الضرورية إلى جميع فئات الشعب السوري وبالشكل الذي يخفف من وطأة المعاناة الإنسانية ونقص وشح المتطلبات المعيشية الأساسية.
اقرأ أيضاً:
مجلس الشعب رداً على البرلمان الأوروبي: استمرار حصار الشعب السوري جريمة عقاب جماعي