يستمر تأجج الأوضاع مع زيادة التحرك الأمريكي وتتزايد التهديدات القادمة من الشرق السوري مع توتر الأحوال بين الأطراف التي تقسمها المصالح والإيدلوجية السياسية، وبهذا يكون خليقاً أن تشتعل جذوة التصعيد التي بدأت تظهر ملامحها مع التسريبات التي نقلها موقع كردي والتي تفيد بتحديد قوات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية مهلة زمنية للقوات الإيرانية بغية الانسحاب من الحدود السورية العراقية والأردنية.
تلك الحركة الدائبة التي تنتهجها القوات الأمريكية في أحايين كثيرة ضد الحليف الأساسي لسوريا، تسترعي الانتباه إلى ما هو أبعد من ادعاءاتها الرامية إلى محاربة البقية الباقية من تنظيم داعش في الأراضي السورية، وذلك بحسب ما صرح رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال “مارك ميلي”.
ميلي أوضح مراراً أن مغادرة القوات الأمريكية من سوريا هو قرار سياسي تتخذه قيادة بلاده السياسية، معتبراً أن بقاء القوات العسكرية في سوريا مرتبط باسم محاربة تنظيم “داعش”، كما أشار إلى إمكانية أن تعيد “داعش” تشكيل نفسها في حال قرر الأمريكيون فجأة الانسحاب، غير أن تصريحات الرجل تأتي على العكس تماماً، إذ إن تحديد القوات الأمريكية المهلة الزمنية للقوات الإيرانية بمنأى عن أي تأكيد عن عقد نيّة الولايات المتحدة على إمضاء أمر إبعاد الجانب الإيراني من ساحة المشهد السياسي لمنطقة شرقي سوريا والحدود السورية العراقية وتحييد دورها وقطع الطريق الاستراتيجي الواصل إلى كل من سوريا ولبنان.
ومع تواجد قوات مثل القوات الأمريكية لمحاربة بقايا التنظيم في العراق وسوريا، وهو ما يتظلل الأمريكي به حجَّة للبقاء على الأراضي السورية، فكيف تفسر الولايات المتحدة تلك الهجمات الإرهابية للتنظيم على حافلات الجيش السوري؟، أفعال تدل أوضح دلالة على الدور الذي يمكن أن تؤديه داعش بالنسبة للقوات الأمريكية، فبقاء قوات التحالف مرتبط أساساً بضمان بقاء التنظيم، وما هي الهجمات المتكررة إلا ذرائع تستخدمها واشنطن لتعطيها شرعية التواجد، أو أن ثلة “داعش” المتبقية أقوى عسكرياً من القوات الأمريكية.
وبالعودة إلى تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية فإنه بيّن عدم نية الجيش الأمريكي التوسع في رقعة الوجود العسكري داخل سوريا، وهذا ما يخالفه الواقع الفعلي من إرسال الولايات المتحدة أرتالاً عسكرية جديدة تدخل سوريا عبر معبر الوليد اللاشرعي إذ ضمّ الرتل الأخير 20 عربة شحن، فضلاً عن متابعة الاحتلال الأمريكي تحصين مواقعه في شرق سوريا، إضافة إلى نهبه وسرقته النفط، والإشراف على قوات “قسد”، وغيرها من الميلشيات المتواجدة في الشرق ومدينة الرقة.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية في تصريحاته الأخيرة إن بلاده لا تخطط لأي تصعيد أو تحولات كبيرة”، وبهذه التأكيد يكرر مزاعم واشنطن بأن الغرض الوحيد للقوات الأمريكية إنما هو حملة ضد داعش.
أما وبخصوص إمهال القوات الإيرانية فترة زمنية، فإن من شأن ذلك أن يعبد لها طريق إنشاء منطقة أمنية عازلة، وذلك على حسب وصف الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه إذ ذاك، استمرار نهب ثروات الشرق السوري وترحيلها إلى العراق، فضلاً عن إقامات معسكرات تدريب للميلشيات الخاضعة لها وأبرزها “قسد”، ويكون بذلك إبعاد إيران ضرورة.
وذكر مصدر كردي مقرّب من “قسد” لموقع “باس نيوز” قبل أيام أن قوات “التحالف الدولي” تمارس ضغوطا دبلوماسية وعسكرية على القوات الإيرانية لتجبرها على الانسحاب من الحدود العراقية السورية، في وقت تحشد قواتها في البلدين بهدف السيطرة على تلك الحدود بشكل كامل تمهيدا لبناء منطقة أمنية عازلة، حيث لا يزال التحالف في بداية مشواره في هذا الأمر وقد يستغرق وقتاً طويلاً.
وأوضح المصدر أن التحالف سيمارس ضغوطاً كبيرة خلال المرحلة الأولى ليجبر إيران على التفاوض وتحديد دورها في المنطقة، كما أكد على أن مسؤولين أمريكيين طالبوا الحكومة العراقية إبعاد القوات الإيرانية من الحدود العراقية السورية.
انسحاب إيران من سوريا
انسحاب إيران من سوريا
انسحاب إيران من سوريا
أقرأ أيضاً:
المكون العربي ركيزته.. مشروع أمريكي لاستبدال نفوذ “قسد” شرق الفرات
التخوّف الفرنسي من التصعيد في سوريا يُظهر خلافاتها مع واشنطن