لم تكد تمر 48 ساعة عن إبرام اتفاق الصلح التركي بين “هيئة تحرير الشام” (النصرة) و”الجبهة الشامية”، حتى عاد التوتر مجدداً ظهر اليوم إلى منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، إبان معاودة مسلحي “النصرة” اجتياح قرى المنطقة قادمين مجدداً من ريف إدلب.
أعداد كبيرة من مسلحي “النصرة” مدعومين بدبابات ومصفحات وآليات ثقيلة، اجتاحوا بشكل مفاجئ الأطراف الجنوبية الغربية من منطقة عفرين عبر معبر “الغزاوية”، وانتشروا في قرى “باصوفان” و”فافرتين” و”كباشين” و”عين دارة” وصولاً إلى “ترندة”، في خطوة هي الثانية من نوعها التي يتمكن خلالها مسلحو “النصرة” من التوغل داخل منطقة عفرين، دون أي مقاومة تذكر من مسلحي فصائل أنقرة المنتشرين فيها.
وتذرعت “النصرة” في خطوتها، بعدم إطلاق “الجبهة الشامية” سراح القيادي “أبو دجانة الكردي”، أحد قياديي “حركة أحرار الشام”، والذي كان تم أسره من قبل “الشامية” خلال المعارك الأخيرة التي دارت في منطقة الباب شمال شرق حلب، حيث وصلت جموع مسلحي “النصرة” إلى أطراف مدينة عفرين، وتوقفت بعد أن ضربت حصاراً على مداخل المدينة الغربية والجنوبية، مهددة بدخول المدينة والسيطرة عليها بشكل كامل في حال عدم إطلاق سراح “الكردي” بشكل مباشر.
وصول “النصرة” إلى أطراف مدينة عفرين، قابله حشد عسكري كبير من قبل “الجبهة الشامية” وباقي فصائل أنقرة، الذين وصلوا تباعاً إلى الأطراف الشرقية من المدينة، وتمركزوا في قرية “كفر جنة” المتاخمة، استعداداً للدخول في معركة جديد توقف توغل “الهيئة” في المنطقة.
وكما جرت العادة، سارعت القوات التركية إلى التدخل في ظل الأحداث المتلاحقة الجارية، فأرسلت عصر اليوم وفداً عسكرياً استخباراتياً مشتركا من ضباطها إلى مدينة “كلس” الحدودية مع سورية، ودعت قياديي “النصرة” و”حلفائهم “أحرار الشام” إضافة إلى قادات “الجبهة الشامية”، لاجتماع عاجل أقيم على أطراف المدينة.
ووفق ما وصل إلى مصادر “سونا نيوز” في ريف حلب الشمالي، فإن اجتماع “كلس” أفضى إلى صلح جديد بين الفصائل المتناحرة، بعد ضغط كبير مارسه الضباط الأتراك على القياديين، وصل إلى حد تهديدهم بتوقيف الدعم العسكري والمادي في حال عدم الاستجابة للصلح، الأمر الذي رضخ له قياديو الفصائل، واتفقوا على إقرار اتفاق جديد مُكمل للاتفاق السابق الذي كان أبرم بين الطرفين قبل يومين.
ونص الاتفاق الجديد بحسب مصادر “سونا نيوز” على استمرار العمل بوقف القتال، على أن يتعهد كل طرف بإطلاق سراح كافة أسرى الطرف الآخر المحتجزين لديه، كما تضمن التزام “هيئة تحرير الشام” (النـصرة) بالانسحاب مجدداً من ريف حلب الشمالي بشكل كامل.
وفور إبرام الاتفاق الجديد، سارعت “الجبهة الشامية” بالفعل إلى إطلاق سراح “أبو دجانة الكردي” إلى جانب مسلحي “النصرة” و”أحرار الشام” الذين أسرتهم خلال المعارك الأخيرة، فيما بدأ مسلحو “النـصرة” من جانبهم بالتجمع والانسحاب تدريجياً من المناطق التي اجتاحوها اليوم.
وكان بدأ الصراع بين “النـصرة” و”الجبهة الشامية” إثر تنفيذ مسلحي الأخيرة لهجمات عنيفة على مقرات فصيل “أحرار الشام” المتحالفة مع “النصرة” في منطقة الباب، الأمر الذي دفع بالأخيرة إلى إرسال قوات كبيرة من ريف إدلب إلى شمال حلب، لتندلع اشتباكات عنيفة استمرت على مدار يومي الجمعة والسبت الماضيين، متسببة بمقتل وإصابة أكثر من /40/ مسلحاً، إضافة إلى ارتقاء /5/ شهداء مدنيين وإصابة /15/ آخرين.
وفي ظل دموية الصراع، تدخلت تركيا بشكل مباشر عبر عقد اجتماع موسع مع قياديي الأطراف المتصارعة، أفضى حينها إلى إلزامهم بوقف الاقتتال، وإعادة خارطة السيطرة في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي إلى ما كانت عليه قبل بدء المعارك، ما أعاد الهدوء إلى جنبات شمال حلب على مدار اليومين الماضيين، قبل أن يعود صراع النفوذ واستعراض “العضلات” بين “النصرة” وفصائل أنقرة خلال ساعات اليوم.