يبعث الجلاد صواريخه على سُررِ الجرحى الذين باتوا موتى، فتعيد إسرائيلية نتنياهو إلى الأذهان ما صدر عن فاشية موسوليني ونازية هتلر، بل فاق إجرامهم وإجرام ابن جلدته في القتل وإسرائيليته “آرييل شارون” بحق عموم الشعب الفلسطيني، هي مجزرة علنية ما أصاب مستشفى المعمداني والذي كان قبل ساعات من الفاجعة تنبعث منه مظاهر الحياة رغم الموت الذي ينتشر في زوايا المدينة، بيد أنه وحينما أرخى الليل سجوفه، أسدل الموت كذلك ستاره على مظاهر الحياة الممتدة لساعات فقط.
هل كانت لكسرة الخبز التي يحملها طفل نجا من الموت بأعجوبة أن تكون سلاحاً يسقط به طائرات الاحتلال الإسرائيلي؟ هل كان ذا صلة بحركة حماس التي اعترف الجيش الإسرائيلي بتنفيذه تلك المجزرة كي لا تتخذ الحركة المشافي ملاذاً لها؟، أجوبة لن يعيرها أدنى اهتمام، رجل مكلوم يحمل فلذتي كبده أشلاءً في أكياس بدت وكأنها قبرهما، أمام المصورين والدموع تنهمر من مآقيه ولا يجد مسعفاً لتلك الأشلاء على اعتبار أن المسعف ذاته استشهد.
وإزاء الصور التي أتت تباعاً من مستشفى المعمداني عشية أمس، فإن المجتمع الدولي لم يطبع على إسرائيل صفة الإجرام أو الإدانة على أقل تقدير، بل اكتفى بضرورة عدم استهداف المشافي، وكأن أمر ليلة السابع عشر من تشرين الأول عام 2023 والممتلئة بالإرهاب الإسرائيلي، مجرد حدث عابر لا يستدعي الإدانة، ولتضفي بذلك تناقضات أخرى للمعايير الدولية في الحرب الحالية بعد إعطاء لمن أطلق قبل أيام سراح أم وطفليها صفة الإرهاب، ومن استهدف مستشفى يحتوي فيما يحتويه على مئات الأطفال والنازحين المحتمين من الغارات لقب الدفاع عن نفسه ووجوده.
ألف ومئة هي حصيلة ضحايا مجزرة مستشفى المعمداني، بين شهيد وجريح أخذوا مكانهم ورحلوا، وأخذوا الزمان واستشهدوا، ولم يسمع القطاع في ليلة حالكة بالإرهاب دامسة بالموت الذي تبدى أمام ناظريه، إلا الزفرات الأليمة وصوت الخوف المتناهي على مسمعهم كلما شنت قوات الاحتلال غارة جديدة.
أقرأ أيضاً:
ليلة أمس هي الأعنف على القطاع.. وتحذيرات أمريكية من مشاركة “إيران” وهجوم المقاومة على الحدود الشمالية
عملية “طوفان الأقصى” تدخل يومها الثامن.. العدو الإسرائيلي يواصل ارتكاب جرائم الحرب في قطاع غزة