لا تسمع غير نداء “يا الله” في مخيم جباليا الذي بات مرجاً من الموت، فلا يوجد لأهالي القطاع غيره من نصير، بعد أن ضاعت صرخات الاستغاثة بالعرب والمسلمين إثر المجازر العلنية وحرب الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم.
في مخيم جباليا هناك حيث تمتد الأيادي علها تعثر على ما تتشبث به ولا تجد سوى اليد التي تجشمت عناء ومشاق الموت، أو طفلة بين أقمطتها وعطر المهد ما يزال يفوح منه رائحة الحياة المسلوبة، إذ أن المدينة في ساعات اليوم جميعها ناشطة باعتدال الموت.
ما من أحد أفراد المجتمع الدولي ضميره يسوطه، أمام من يتلوون موتاً ويتلظون بالجراح التي أثخنت أجساداً سقطت تحت أحجار بيوتها ورزحت تحت ثقلها، أو أمام مشاهد أم وارت وجهها في كنف طفلها الميت، ولم تحمه الأيادي الدولية من النازية الإسرائيلية التي ارتكبت مجزرة أخرى يفيض عنها ضحايا جدد ليضافوا إلى صف آلاف الشهداء منذ أن بدأت أولى المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين منذ ما يزيد عن سبعة عقود.
ولم يشفع للمخيم المستهدف له بأنه مربع سكني يحتوي فيما يحتويه على آلاف الأسر الفلسطينية، من أن يستهدفه زلزال جوي إسرائيلي ب 6 قنابل تزن الواحدة منها واحدة، طن من المتفجرات، ليلحق الدمار بالمخيم كله الذي بات أطلالاً يشكل حفرة ضخمة تبتلع معها أجساد الفلسطينيين العالقين تحت الأنقاض ولا تجد أدنى مسلتزمات الإغاثة لإخراجهم أحياء أو أموات.
الجيش الإسرائيلي لم ينف هذه المرة مسؤولية المجزرة المرتكبة كما فعل في مجزرة مستشفى المعمداني سابقاً، قائلاً على لسان المتحدث باسمه إن المجزرة كانت تستهدف قيادياً كبيراً في حركة حماس، لم تكشف عن هويته، بيد أن كمية المتفجرات التي استخدمتها قوات الاحتلال تشي بأن العملية هي من ضمن سلسلة الإبادة الجماعية بحق أهالي القطاع وليست استهدافاً لشخصية من حماس، وربما كان ذلك التصريح كي يبرر جريمته الأخيرة أمام المجتمع الدولي الذي لا يدينه بطبيعة الأحوال.
الحركة بدورها كذبت ادعاء الناطق الرسمي لجيش الاحتلال، حيث صرحت حماس بأن حديث العدو الصهيوني الإرهابي عن وجود أحد قادتها في جباليا مكان المجزرة كاذب ولا أساس له من الصحة، في حين أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن الحصيلة الأولية للقصف والتي أسفرت عن أكثر من 400 شهيد وجريح، جلهم من النساء والأطفال، كما أن عدداً من الضحايا بترت أطرافها بفعل المجزرة.
لا يسلم أهالي القطاع من شماله لجنوبه ومن شرقه إلى غربه من الغارات الإسرائيلية وكأن الحياة التي يبحثون عنها دونها خرط القتاد، أما العالم فألف مشاهد الموت الفلسطيني والمجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين حتى بات يراهم أرقاماً لضحايا يزداد عددها كلما نفذت القوات الإسرائيلية مجزرة جديدة.
أقرأ أيضاً:
“مخيم جباليا” حيث اقترف الاحتلال الإسرائيلي “مجزرة جديدة” .. ماذا تعرف عنه؟
استهداف تل أبيب متواصل.. والمقاومة اللبنانية تصعد الأوضاع على الجبهة الإسرائيلية