أخبار عاجلة
جبهة الجنوب تصعيد جديد أم تصدير مشاكل
جبهة الجنوب تصعيد جديد أم تصدير مشاكل

جبهة الجنوب تصعيد جديد أم تصدير مشاكل

بات معلوماً للجميع أن الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية منذ 11عاماً بدأت أحداثها الدامية من الخاصرة الجنوبية المفتوحة على خطوط استخباراتية يقودها كيان الاحتلال الإسرائيلي من جهة وتوغل فكري وهابي قادته مشايخ التكفير في الجزيرة العربية، من جهة ثانية.

ولم تهدأ تلك الجبهة بشكل كامل حتى بعد دخول وحدات الجيش العربي السوري إليها عام 2018 والانتشار في المحافظة وفي بلداتها.

ورافق انتشار وحدات الجيش في بلدات وقرى أرياف درعا تسويات تقضي بتسليم السلاح والتخلي عن العنف وتسوية أوضاع المسلحين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والفارين من الجيش وغير ذلك.

آخر تلك التسويات كانت عام 2021 في أحياء درعا البلد وطريق السد الذي عملت الدولة بنفس طويل لتجنيب المدنيين تبعات عملية عسكرية لإنهاء الوجود الإرهابي في الحيين، وانتهت العملية بتسوية وتسليم السلاح وعودة مؤسسات الدولة والحياة الطبيعية وعودة الأهالي للحي برغم تدخل دول إقليمية وغربية لمنع انجاز اتفاق التسوية.

فالسفارة الأمريكية المغلقة في دمشق أصدرت خلال عملية المفاوضات التي قادها الجيش مع ممثلين عن المسلحين آنذاك بياناً عبر موقعها الالكتروني انتقدت العملية واعتبرتها “هجوماً وحشياً” الأمر الذي عطل العملية عدة مرات قبل أن ترضخ الجماعات المسلحة وتقبل التسوية وتسليم السلاح.

ومع كسر العمود الفقري للتنظيمات الإرهابية التي فر العديد من أفرادها باتجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي والأردن، ومع سيطرة وحدات الجيش على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، كان طبيعياً أن تتحرك السلطات الأردنية المتضررة من الحرب في سورية لإعادة وصل ما انقطع خلال ثماني سنوات، وخصوصاً بعد زوال أسباب بقاء غرفة “الموك” التي أنشأت عام 2012 لإدارة العمليات العسكرية ضد الجيش العربي السوري من الأردن بقيادة ضباط أمريكيين وسعوديين وقطريين حسب تصريحات وزير خارجية قطر حمد بن جاسم مؤخراً.

لكن وبرغم هذه التسويات وإعادة انتشار وحدات الجيش وتسليم كميات كبيرة من قطع السلاح التي تبين أن بعضها إسرائيلي وغربي المنشأ، لم تتوقف الاغتيالات في المحافظة وذهب ضحيتها عدد ليس بالقليل من الشخصيات المحسوبة على الدولة السورية من رؤساء بلديات ومخاتير ووجهاء ووسطاء مصالحة، كان آخرها اثنين أبناء عمومة عضو مجلس الشعب السوري خالد العبود قبل أسبوعين في إشارة واضحة بأن التسويات لم تحقق الهدف المنشود في إعادة الحياة الطبيعية للمحافظة وبأن اليد الاستخباراتية الإسرائيلية مازالت تعمل في الميدان لتعطيل مسار التسويات ومحاولة إعادة الأمور إلى المربع الأول.

كذلك فإن الهجمات الإرهابية ضد عناصر الجيش العربي السوري سواء على حواجزه أم على سيارات الجيش لم تتوقف أيضاً وذهب ضحيتها عدد من الشهداء من الجيش والشرطة.

لكن الجديد المستجد في ملف الجنوب أن الأردن بدأ يتحدث بصوت مرتفع عن تهديدات عبر الحدود وخصوصاً ما يتعلق بحرب المخدرات والعمليات التي يشنها الجيش الأردني لوقف عمليات تهريب السلاح والمخدرات عبر الحدود السورية- الأردنية المشتركة من قبل شبكات تهريب منظمة.

في الحقيقة، من يتابع أخبار ملاحقة مهربي المخدرات في سورية خلال السنوات الماضية يلاحظ بشكل جلي الحملة النشيطة جداً من قبل الأجهزة الأمنية السورية ووحدات الجيش لوقف عمليات تهريب المخدرات باعتبار سورية بلد عبور ولا يكاد يمر أسبوع إلا وتعلن الجهات الأمنية عن توقيف سيارة أو شاحنة تنقل المخدرات.

ورغم أن شبكات تهريب المخدرات اتبعت أساليب متطورة جداً استطاعت الجهات الأمنية اكتشافها والقبض على المتورطين، وعمليات التهريب هذه ليست جديدة أو مستجدة على الحدود السورية-الأردنية جنوب سوريا، لكن الصوت العالي الذي يتحدث به الأردن الرسمي عن حرب المخدرات وتهريب السلاح قد يكون مرتبطاً بمحاولة لإرضاء واشنطن وربما تل أبيب التي تزيد من منسوب الضغط على عمان لتوريطها من جديد في الجبهة الجنوبية وخصوصاً بعد أن أصبح معلوماً كيف عرقلت واشنطن تحركات المملكة للانفتاح على سورية.

فبعد زيارة الملك عبد الله الثاني لواشنطن قبل عام تقريباً عاد بمشروع انفتاحي وصل إلى حد عقد اجتماعات رباعية (سورية لبنانية مصرية أردنية) في العاصمة عمان لنقل الكهرباء الأردنية والغاز المصري عبر سورية إلى لبنان، في تحرك تمت قراءته على أنه ضوء أخضر أمريكي غير معلن، لكن المشروع لم يبصر النور حتى اليوم بالرغم من أنجاز كافة التحضيرات.. ويبدو أن واشنطن عادت وعرقلت المشروع وخصوصاً بعد اندلاع الحرب الروسية – الغربية في أوكرانيا.

فهل صدر قرار إعادة تنشيط غرفة “الموك” من جديد لاستهداف سورية من خاصرتها الجنوبية بضغط أمريكي- إسرائيلي بالتزامن مع التهديدات التركية بالعمل على إقامة “منطقة آمنة” شمال البلاد، أم أن الأمر مجرد تصدير للمشاكل التي يعاني منها الأردن مؤخراً وخصوصاً بعد الخلافات التي نشرها الإعلام الرسمي الأردني بين الملك و ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين؟

تشير المعطيات أن عمليات التهريب سواء المخدرات أم السلاح في المنطقة الجنوبية مرتبطة بشكل كبير بالجماعات الإرهابية المسلحة التي رفضت التسويات مع الدولة السورية حتى الآن والتي تنشط في مناطق الحدود الشاسعة بين البلدين وخصوصاً في منطقة سيطرة قوات الاحتلال الأمريكي في منطقة “التنف” مثلث الحدود الأردنية السورية العراقية مستفيدين من حماية وحصانة القوات الأمريكية في المنطقة، ولا يمكن فصلها عن عملية حصول الإرهابيين على السلاح المتطور ربما مقابل المخدرات التي ينقلونها إلى دول الخليج.

لكن السؤال يبقى هل انتهى الحراك الانفتاحي الذي قاده العاهل الأردني على مدى عام تقريباً مع اندلاع الحرب الروسية الأطلسية في أوكرانيا؟ وهل يقدر الأردن على إعادة توتير الأجواء في الخاصرة الجنوبية تلبية لضغوط أمريكية إسرائيلية، الخاسر الأكبر فيها الأردن الذي يتعرض لضغوط داخلية وخارجية؟

إن بؤر الصراع في المنطقة لا يمكن فصلها عن بعضها، وهي بالأساس مرتبطة بشكل حتمي بصراع دولي أكبر، لذلك فإن الصوت الأردني العالي سرعان ما سوف يخفت مع انحباس صوت أردوغان حيال المنطقة الآمنة شمال البلاد.

عن ali

شاهد أيضاً

موقع إعلامي أمريكي يكذب "البنتاغون" و يكشف حقيقة قاعدة البرج الأمريكية شمال الأردن ؟

موقع إعلامي أمريكي يكذب “البنتاغون” و يكشف حقيقة قاعدة البرج الأمريكية شمال الأردن ؟

موقع إعلامي أمريكي يكذب “البنتاغون” و يكشف حقيقة قاعدة البرج الأمريكية شمال الأردن ؟ بعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *