كتب حروفه الجيش السوري وحلفائه.. حلب تحتفل في ذكرى نصرها

تتواصل الفعاليات والاحتفالات في مدينة حلب، احتفاءاً بمرور الذكرى السادسة على تحرير أحيائها الشرقية ومدينتها القديمة، وتطهير تلك الأحياء من المجموعات المسلحة التي مارست مختلف أنواع الإرهاب على مدار خمس سنوات، وخاصة لناحية القصف المستمر بالقذائف والصواريخ نحو الأحياء الآمنة المكتظة بالسكان في مناطق غرب المدينة.

وكما هو الحال في كل عام، لم تمر الذكرى السنوية لـ “نصر حلب” دون أن يحتفل أبناء الشهباء بها، رغم كل الظروف المعيشية والاقتصادية القاسية التي تعيشها مدينتهم، في ظل ما تمثله تلك الذكرى من أهمية كبيرة قد تبقى راسخة في عقول الحلـبيين إلى كثير من الأجيال القادمة، كونها تمثّل لهم نهاية حقبة مريرة من الحصار والألم والمعاناة.

مسرح نقابة الفنانين بحلـب، احتضن مساء أمس إحدى الفعاليات الاحتفالية بذكرى النصر، حيث حملت تلك الاحتفالية العديد من المعاني والرسائل السامية، وخاصة أن من بدأ بوضع خطة تنفيذها وأشرف على خطواتها الأولى كان الشاعر الحلبي الكبير “صفوح شغالة” الذي توفي قبل أيام قليلة من إبصار فعاليته النور، ليتصدى المخرج “كمال شنّو” لإكمال المهمة باعتباره الشريك الرئيسي مع الراحل “شغالة” في الإعداد والتحضير للاحتفالية.

وتخلل الفعالية التي حملت عنوان “نصرنا ميلاد”، عرض فيلمين وثائقيين، تحدث أولهما عن أهم محطات تحرير حلـب وتحرير الجيش السوري وحلفائه لأحيائها من المسلحين، فيما تناول الفيلم الثاني حياة الشاعر الراحل “صفوح شغالة”، والذي بادر محافظ حلـب “حسين دياب” خلال الاحتفالية إلى تكريم عائلته.

كما تضمنت الاحتفالية فقرة استعراضية راقصة للجمعية الخيرية الشركسية، وعرضاً مسرحياً لفرقة نجوم الشهباء، إلى جانب تقديم أغنية “فوق الغيم” للفنانة الحلـبية الراحلة “ميادة بسيليس”، وأغنية “أنا السوري” للفنان “صفوان العابد”.

إضافة إلى عروض مسرحية وغنائية أخرى قدمتها عدة فرق حلـبية، فيما ألقى المحافظ حسين دياب كلمة خلال الحفل أكد خلالها على أن حلب تستحق كل الاهتمام لأنها “المدينة الصابرة المقاومة ولأن أهلها الطيبين الذين صبروا وصابروا على ويلات الحرب يستحقون كل التقدير، ولذا كانت حلب محطة يومية لمتابعة دقيقة ومستمرة بكل تفاصيلها من الرئيس بشار الأسد والسيدة الأولى حتى تعود كسابق عهدها نابضة بالحياة والأمل”.

وإلى جانب احتفالية “نصرنا ميلاد”، شهدت مدينة حلب قبل عدة أيام حفلاً موسيقياً بعنوان “حلب العشق” على مسرح “بسايان الشرق” أحيته جوقة “القديسة تيريزيا- أوركسترا صبا” بقيادة المايسترو “شادي نجار”، وأقامته وزارة الإعلام- الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، بالتعاون مع وزارة السياحة ومحافظة حلب، فيما من المقرر أن تقام خلال الأيام القادمة عدة احتفاليات أخرى بمناسبة ذكرى نصر حلب، ستقيمها عدة جهات رسمية ودينية وشعبية.

وتغرس ذكرى التحرير عميقاً في عقول وقلوب الحلبيين، ففي مثل تاريخ يوم أمس /22/ من كانون الثاني للعام /2016/، ركلت حلب آخر مسلحٍ من أحيائها الشرقية ومدينتها القديمة، ودخل الجيش السوري والقوات الحليفة والرديفة له إلى تلك المناطق معلناً عودة الأمان إليها بعد أن خضعت لسيطرة المسلحين بمختلف مسمياتهم منذ العام /2012/، ولعل مشهد الحافلات التي كانت تقل المسلحين آنذاك مغادرةً المدينة عبر جسر “الراموسة”، كان من أعظم المشاهد التي لن ينساها الحلبيون على اختلاف أطيافهم.

وإلى جانب مشهد الحافلات المغادرة، لا ينسى أبناء حلـب أيضاً العديد من المراحل المؤلمة والمشرفة في الوقت ذاته، التي عاشتها مدينتهم خلال السنوات الخمس، وكتب حروفها الجيش السوري بالدم والرصاص جنباً إلى جنب مع صمود أهلها، فليس من الممكن أن تمر ذكرى التحرير دون أن يعود إلى ذاكرة الحلبيين مشهد الحصار الخانق الذي فرضه المسلحون على مناطقهم في شهر رمضان، ودون استذكار ملاحم فتح طريق “خناصر”، ومطاري “منغ” و”كويرس”، ومشفى الكندي، ومدرسة الشرطة، وحصار السجن المركزي، وحرب الكليّات، وفك الحصار عن “نبل” و”الزهراء”، وغيرها الكثير من البطولات التي خُطّت بحبرٍ كان قوامه دماء الآلاف من الشهداء والجرحى العسكريين والمدنيين.

زاهر طحان – سونا نيوز