مئة يوم من الحرب.. اختزلت سنوات الاحتلال وكسرت عزلة المقاومة

مئة يوم من الحرب.. اختزلت سنوات الاحتلال وكسرت عزلة المقاومة

مئة يوم من الحرب.. اختزلت سنوات الاحتلال وكسرت عزلة المقاومة

تختزل أيام العدوان المئة على غزة ما حلّ بدولة فلسطين على مر ثمانية عقود من التنكيل والإجرام والإبادة، ومع صعوبة مشاهد القتل، يتعسر على المتابع أيضاً -إذاما نظر هو بعين الفلسطيني- أن يميز أي شيء سوى الموت بعد وقع الحياة القاسي على الشعب الفلسطيني ، ليخطّوا رواية مأساتهم بدمائهم وأشلائهم ومقابرهم الجماعية.

ثمانون عاماً تقريباً، رأى الفلسطينيون خلالها موت ذويهم وأولادهم، قبل أن تتبدل الصورة قليلاً في الأيام المئة الماضية، حيث أن الفلسطيني ذاته يسمع أنفاسه الأخيرة تنطفئ على أرض مشفى مقفر من معداته وأطبائه.. ويقف أطفاله بجانبه ذلك إن نجوا من القصف بقروحهم الممتلئة وجراحهم المثخنة ..دون أن يكون هنالك في الواقع من يرى أو يسمع بأن إجرام قوات الاحتلال الإسرائيلي ليس من فعل بشر.

“خان يونس، دير البلح، مخيم النصيرات وجباليا، الشجاعية والتفاح”، هي مدن وأحياء، ما انفك ذكرها على محطات الأخبار وشاشات التلفزة، متصدرةً عناوين الغارات الإسرائيلية المتكررة عليها، لتمتد بذلك ذكرى المجازر إلى بيوت أحياء قطاع غزة وسكانها، وهي التي بدأت من حيفا في بداية آذار مارس عام 1937، ولم يستطع المجتمع الدولي ومعه العربي والإسلامي كبح جماح الإجرام الإسرائيلي إما عجزاً أو تواطؤاً، ولم يكن بمقدوره في الحالتين إخفاء صرخات الفلسطينيين القائلة “هذه أرضنا، نخرج لكم من بين شقوقها، ترحلون ونبقى”.

ومع توسع رحى الحرب إلى أبعد من المواجهات العسكرية المباشرة بعد عمليات اغتيال قادة حماس في الخارج، تزامناً مع فشل أي مشروع قرار أممي يضمن بموجبه وقفاً دائماً لإطلاق النار، لا يزال محور المقاومة متمسكاً بالخيار العسكري والتصعيد المتبادل، على اعتبار أنه الوحيد والممكن من خلاله مجاراة الاحتلال في الحرب التي زاد من أمدها، ولم يحقق أهداف عمليته العسكرية البرية المعلن عنها منذ نهاية أكتوبر الفائت غير القتل المتعمد، حيث توسم حينها، أو توهم بالمعنى الأدق، قادة الاحتلال مقدرتهم في القضاء على حركة حماس، قبل أن يتبدل الهدف بعد ذلك بإنهاء حكمها للقطاع، ثم أخذ تحرير الرهائن أولوية تلك الأهداف، وما كان لهم تحرير أياً كان منهم سوى باتفاقية التبادل.

ولم تعد المقاومة الفلسطينية وحدها في الصراع بعد دخول نظيرتها اللبنانية واليمنية إليها بشكل مباشر واشتراك المقاومة العراقية خلال استهدافها القواعد الأمريكية بسوريا والعراق مراراً ..بل وصلت صواريخها إلى حيفا، لتنكسر بذلك عزلة المقاومين الفلسطينيين إن صح القول ، وما زاد أن قلل من تلك العزلة، تغير النهج المتَّبع لشعوب دول العالم الأول حيال قضية شعب من “العالم الثالث”، وتجسمت المهابة في صور المظاهرات التي غزت شوارع لندن وباريس وبرلين وبروكسل وغيرها من العواصم والمدن الأوربية وكذلك الأمريكية، الداعية إلى وقف العدوان، ومحاولة تعرية الإجرام الإسرائيلي لأول مرة أمام محكمة العدل الدولية “لاهاي” بعد  طلب المرافعة المقدم من قبل دولة جنوب إفريقيا بغية إثبات تهمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وهي ذاتها قد عانت منذ نهاية أربعينيات القرن المنصرم حتى عام 1993، من نظام “الأبارتهايد” العنصري والذي لا يختلف عن الاحتلال الإسرائيلي قيد أنملة.

وأمام الحال تلك تأكد الخلل في السردية القائلة “إن إسرائيل ممثلة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، أو أنها الضحية لا المجرم مستغلَّة، عبر قرن مضى، محارق الهولوكوست بحق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، وتقدم نفسها اليوم بوصفها المدافع عن كيانها ووجودها أمام المقاومين الفلسطينيين، والتي تنعتهم بالإرهابيين تارة أو الحيوانات البشرية مرات أخرى.

ووسط قوة الأسلحة التي يمتلكها الإسرائيليون يستمر بطشهم، إلا أن التاريخ الإنساني قدم نماذجاً يؤكد أن العنف لا يعني بالضرورة تقديم أسباب البقاء، إذ أن النازية التي تجاوزت دولة الاحتلال بإجرامها، سرعان ما قضت نحبها، وفي الزمن الغابر لم يكن المغول أو الصليبين بمعزل عن دروس التاريخ رغم همجيتهم المستعرة، ورغم الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية المدمرة، فإن المقاومين يُبدون منظراً فيه قوةً يدل أوضح دلالة على الدور الذي يمكن أن يؤديه المقاومون “أصحاب الأرض” أمام إجرام الاستعمار.

مئة يوم من الحرب وما يقارب مئة عام من العزلة بفعل الاحتلال، والمقاومة مستمرة.. ما دامت ظلمة الموت ترخي كفوفها على القطاع، وطالما أن هنالك أحلاماً مثلمة لفلسطيني رأى في رموش ابنه الوميض الأخير لبريق الحياة.

محمد بظت-سونا نيوز

 

سنوات الاحتلالمئة يوم من الحرب.. اختزلت سنوات الاحتلال وكسرت عزلة المقاومة

المقاومة الفلسطينيةمئة يوم من الحرب.. اختزلت سنوات الاحتلال وكسرت عزلة المقاومة

حركة حماس

مئة يوم من الحرب.. اختزلت سنوات الاحتلال وكسرت عزلة المقاومة

حركة حماس


أقرأ أيضاً:

بمشاركة كافة قواعدها العسكرية.. أنقرة تُصعّد مجدداً نحو مناطق شمال حلب
أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في اليوم الـ 96..خلاف أمريكي إسرائيلي حول اليوم التالي للحرب

 

عن hasan jaffar

شاهد أيضاً

عمليات نوعية للجيش السوري ضد النصرة وحلفائها في ريف إدلب

عمليات نوعية للجيش السوري ضد النصرة وحلفائها في ريف إدلب

عمليات نوعية للجيش السوري ضد النصرة وحلفائها في ريف إدلب استهدفت وحدات من الجيش السوري …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *