خاص حلب // توفي 11 شخصاً بينهم ثلاثة أطفال، وأصيب طفلان آخران بجروح بليغة، إثر انهيار بناء سكني مخالف مكون من خمسة طوابق، في حي الفردوس الواقع شرقي مدينة حلب.
فمع حلول الساعة الخامسة تقريباً من مساء أمس، سمع أهالي حي الفردوس القديم بمدينة حلب، خلف كازية الصالحين، دوياً ضخماً تبيّن لاحقاً أنه ناجم عن انهيار بناء مأهول بالسكان بشكل كامل، لتسارع فرق الإنقاذ في الدفاع المدني وفوج إطفاء حلب إلى الموقع وتبدأ بعملية البحث عن العالقين تحت الأنقاض.
وفور وصول فرق الإنقاذ، عُثر على جثة رجل مسنٍ توفي جراء الانهيار، حيث كان عالقاً إلى نصفه بين الركام، بينما تمكنت الفرق من إنقاذ طفلين ونقلهما إلى مشفى الرازي للعلاج، لتستمر بعدها عمليات السبر والبحث وسط صعوبة كبيرة جراء الكمية الكبيرة من الأنقاض التي خلفها الانهيار.
وبعد نحو ساعتين من العمل المتواصل، تمكنت فرق الإنقاذ من إحداث فجوة أسفل الركام، تمكنوا من النفاذ خلالها إلى داخل الغرف، وباشرت بعمليات بحث دقيق باستخدام مختلف المعدات والآليات، لتبدأ بعد ذلك عمليات انتشال جثث الضحايا من المبنى، والذي كان مأهولاً بعائلتين تقطنان الطابقين الثاني والثالث. بحسب ما أفاد به سكان الحي لـ “سونا نيوز”.
وكانت التوقعات بداية تشير إلى وجود ثمانية أشخاص في المبنى المنهار، إلا أن أحد أهالي الضحايا أكد وجود مجموعة من الضيوف الذين كانوا في دعوة على الغداء لدى إحدى العائلتين، ما رفع من الحصيلة المتوقعة للضحايا، والذين كان يرتفع عددهم بين كل دقيقة وأخرى من عمليات البحث، ليصل في وقت متأخر من الليل إلى 11 حالة وفاة، بينها سبع نساء وثلاثة أطفال، إلى جانب الرجل المسنّ الذي توفي بداية الانهيار، والطفلين المصابين.
وقال الدكتور “كميت عاصي الشيخ” عضو المكتب التنفيذي في مجلس محافظة حلب والذي أشرف على عمليات البحث والإنقاذ، لـ “سونا نيوز”، أن الجهات المعنية في محافظة حلب سارعت مع عناصر فوج إطفاء حلب إلى موقع الانهيار فور الإبلاغ عن حدوثه، واستخدمت خلال عمليات البحث عن الضحايا جرافتين و”باغر”، إلى جانب المعدات التقليدية.
مبيناً أن الجهات المعنية أخلت أكثر من خمسة مبانٍ مجاورة للبناء المنهار، بعد تبين وجود خطر فيها من الانهيار، حيث تم تأمين مساكن مؤقتة للأهالي الذين تم إخلاؤهم.
وأشار “عاصي الشيخ” إلى أن لجان السلامة العامة باشرت عمليات الكشف وإعداد التقارير اللازمة حول سلامة الأبنية المجاورة في حي ومدى خطورتها من عدمه، حيث ما تزال اللجنة تواصل عملها للوصول إلى تقاريرها النهائية، سواء بخصوص المبنى المنهار أو لناحية باقي المباني المجاورة.
رئيس مجلس مدينة حلب معد مدلجي قال بدوره خلال تصريح لـ “سونا نيوز” أن: “أكثر من خمسين بالمئة من مساحة مدينة حلب مبنية على أسس هندسية غير سليمة أو بدون أي أسس هندسية إطلاقاً، وتلك المساحات تعرضت لإرهاب ممنهج خلال فترة الحرب، وللأسف أصبح هناك خطر دائم في جميع الأبنية ضمن مناطق السكن العشوائي، وهناك دائماً تبدل مستمر في الحالة الإنشائية”.
وأضاف مدلجي بالقول: “نحن في مجلس مدينة حلب هدمنا خلال العاملين أو الثلاثة الماضية أكثر من 1700 مبنى آيل للسقوط، وأيضاً نظمنا أكثر من 3500 تقرير سلامة عامة تم على إثرها إخلاء الأبنية المستهدفة”، مشيراً إلى أن مثل تلك الحوادث لا يمكن السيطرة عليها لأنه لا يمكن السيطرة على السلوك الإنشائي لها.
ووردت معلومات مؤكدة لـ “سونا نيوز” صباح اليوم، حول تمكن الجهات المختصة في حلب من إلقاء القبض على المتعهد الذي قام ببناء المبنى المنهار في حي الفردوس، وباشرت التحقيقات اللازمة معه على الفور، في حين أصدر محافظ حلب حسين دياب قراراً بتشكيل لجنة تضم عدد من الفنيين، من الأمانة العامة لمحافظة حلب ومجلس المدينة ونقابة المهندسين والخدمات الفنية، للكشف على البناء المنهار، وبيان أسباب الانهيار وتحديد عمر البناء وكافة الملابسات المتعلقة به (وثائق – ملف تفتيشي)، وتقديم التقرير اللازم مع المقترحات المناسبة خلال مدة أقصاها /٢٤/ ساعة.
وكانت شهدت الأحياء الواقعة شرقي مدينة حلب خلال السنوات الماضية، عدة حوادث انهيار مشابهة سواء لأبنية خالية أو مأهولة بالسكان، وخاصة في أحياء الصالحين والفردوس وصلاح الدين، حيث تُعرف تلك المناطق بوجود عدد كبير من المباني التي تم إنشاؤها بشكل مخالف، والتي تعرضت أيضاً لأضرار كبيرة خلال فترة سيطرة المجموعات المسلحة عليها ما بين عامي 2012 و2016، ما تسبب بحصد أرواح العشرات من المدنيين الذين كانوا يقطنون ضمن تلك المباني.
زاهر طحان