أخبار عاجلة
الأكراد ضحية الأوهام والصراعات الكبرى
الأكراد ضحية الأوهام والصراعات الكبرى

الأكراد ضحية الأوهام والصراعات الكبرى

ماتزال التهديدات التركية بشن عدوان بري على المناطق الحدودية الشمالية من سورية (مناطق سيطرة الأكراد) تتصدر الأحداث العالمية بعد الحرب الروسية-الغربية في أوكرانيا، وفي كل يوم تصدر تصريحات تركية بأن العملية العسكرية البرية قاب قوسين أو أدنى ما لم تخلي ميليشيا “قسد” تلك المناطق وعودة سيطرة مؤسسات الدولة السورية عليها.

في هذا الوقت تستغيث ميليشيا “قسد” وتطلب النجدة من الولايات المتحدة التي تعتبرها حليفها الاستراتيجي وحاميتها من أي خطر داهم، خصوصاً أن ” قسد ” تعلم حجم الخدمات التي قدمتها للولايات المتحدة ضد الجيش العربي السوري والدولة السورية على مدى عشرة أعوام من عمر الحرب، وتأمل بأن تحصد ثمار ذلك حصانة من أي هجوم تركي أو سوري وأن تحصل بالنهاية على الانفصال الموعود.

لكن الولايات المتحدة التي لا تنفصل مصالحها في المنطقة عن مصالح النظام التركي، تعتبر أن الميليشيا مجرد أداة مرحلية جرى استخدامها إلى أبعد حد ممكن، ولا يمكن لواشنطن أن تدخل في اشتباك مع أنقرة كرمى لعيون “قسد” خصوصاً أن المصالح الجيوسياسية الكبرى للولايات المتحدة تفترض علاقات جيدة مع تركيا العضو في الناتو والتي تشكل بوابة الحلف على آسيا وروسيا وتشكل ثقلاً عسكريا واقتصادياً مهماً.

تدرك قيادات “قسد” أنها على مفترق البيع بالمزاد العلني بين واشنطن وأنقرة وموسكو، فالولايات المتحدة التي تعول عليها الميليشيا أعلنت أنها ضد أي عملية عسكرية برية تركية في مناطق سيطرة “قسد” بحجة التأثير سلباً على محاربة تنظيم داعش الإرهابي وهذا عذر أقبح من ذنب، ولكنها لم تحرك ساكناً لمنع العملية أو حتى إلزام تركيا وقف استهداف مواقع الميليشيا منذ أشهر وقبلها لم تتحرك لمنع المجازر التي ارتكبتها القوات التركية في عفرين ورأس العين وغيرها.

فقد أعلن جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة “لا ترغب في أن تواصل تركيا هجماتها العسكرية في شمال سورية، رغم أنها تقر بحق أنقرة في الدفاع عن نفسها” في دليل على موقف مائع وغير جدي.

لكن رغم ذلك مازالت الميليشيا “تركب رأسها” وتعاند وترفض أي حلول للمأزق الذي وضعت نفسها به، فقائدها مظلوم عبدي اعترف في تصريحات صحفية أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب خانت “قسد” بعدم وقوفها ضد العدوان التركي نهاية 2019، وهو يخشى اليوم أن يكرر الرئيس جو بايدن التجربة ويضحي بالميليشيا لمصلحة أنقرة.

ورغم يقينه أن الخيانة الأمريكية هي الأقرب للواقع يصر مظلوم عبدي على رفض مقترح موسكو بأن تنسحب الميليشيا من المناطق الحدودية وتسليمها للجيش السوري واندماج ” قسد ” في الجيش وفق نظام الجيش وليس وفق تصوراته وأوهامه.

إذ لا يملك مظلوم عبدي اليوم ترف وضع الشروط، فالدولة السورية جاهزة لتولي حماية المناطق الحدودية كما أعلنت أكثر من مرة، لكن ليس لحماية الوضع القائم الذي تسيطر فيه “قسد” على الجزيرة السورية بثرواتها وتمنع مؤسسات الدولة السورية من العودة إليها وممارسة صلاحياتها وتقديم خدماتها الصحية والتعليمية وغيرها.

ألا يسأل عبدي نفسه إلى أين يقود الأكراد السوريين عبر ارتهانه للمصالح الأمريكية ولأوهامه المتورمة؟؟ هل يسأل نفسه كيف كان مصير المتعاملين والمراهنين على الأمريكيين في فيتنام وفي أفغانستان وفي العراق وفي جورجيا واليوم في أوكرانيا؟ هل سيكون مصيره أفضل من هؤلاء إن هو استمر في سياساته؟

الواقع يقول إنه ليس لـ “قسد” أو الأكراد السوريين أي مصلحة مع الأمريكي وإنما مصلحتهم في كونهم جزء من النسيج السوري بحماية الدولة السورية فهي الأبقى وهي الأقدر على ضمان حمايتهم ضمن منظومة الجيش العربي السوري.

اليوم هناك فرصة حقيقية لميليشيا “قسد” لإعادة تموضعها الطبيعي والتخلي عن الحالة الشاذة التي نشأت في ظل الحرب الإرهابية الغربية التي فرضت على الدولة السورية، لأن الدور الذي لعبته خلال الفترة الماضية لمصلحة واشنطن كاد أو أوشك على نهايته.

فالطريق السليم لحماية البلاد بكافة مكوناتها ومنها المكون الكردي هي باعتماد منطق الدولة وخيارها والقبول بمؤسساتها، وعند ذلك يصبح من مسؤوليتها حماية وضمان الأمن والسيادة في تلك المناطق وفق هذا المنطق والمفهوم، فالمكاسب السياسية لـ “قسد” وللأكراد السوريين تكون ضمن خيار الدولة الواحدة والوطن الواحد وليس الكانتونات الميتة قبل أن تولد.

 

عبد الرحيم أحمد

عن ali

شاهد أيضاً

طوفان الأقصى وحدة الساحات

طوفان الأقصى وحدة الساحات

برز جلياً مؤخراً مصطلح ” وحدة الساحات” بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *