أخبار عاجلة
الكمأة رزق الفقراء المغمس بالدم

الكمأة رزق الفقراء المغمس بالدم

لم يكن يمض أيام فقط على بدء موسم الكمأة هذا العام حتى بدأت الأخبار ترد عن مقتل العشرات من المواطنين بنيران تنظيم داعش أو بمخلفات الحرب أثناء جمعهم لهذه المادة الباهظة الثمن وتحديداً في منطقة البادية الممتدة بين أرياف حمص وحماة الرقة وحلب.

بداية قد يتسائل البعض ماطبيعة هذه الثمرة التي تدفع بالإنسان الفقير الحال ليخاطر بحياته وحياة أفراد عائلته أغلب الأحيان في سبيل الحصول على بضعة كيلو غرامات منها.

الكمأة رزق الفقراء المغمس بالدم
الكمأة رزق الفقراء المغمس بالدم

الكمأة ثمرة تصنف بأنها نوع من أنواع الفطريات تلقب ببنت الرعد أو نبات الرعد وهي ثمرة موسمية تنمو في البادية بعمق من ٥ إلى ١٥ سم وتعد من ألذ أنواع الفطريات التي تشتهر بمذاقها المحبب وسعرها المرتفع نسبياً مقارنة بباقي أنواع الفطر أو الثمار الأخرى.

في حين يختلف سعرها حسب حجم الثمرة ونوعها بين الكمأة الخلاسي والزبيدي والجباء والهوبر والتي يمكن تمييزها من شكلها ورائحتها وطعمها وبالتالي سعرها المختلف والذي يتراوح بين الـ ٥٠ ألف ليرة ٢٠٠ ألف ليرة سورية.

حيث وصل سعر بيع الكيلو غرام فقط هذا العام في أسواق دمشق إلى أكثر من ٢٠٠ ألف ليرة وجعل من شرائها حلما للفقير في حين تزور هذه المادة موائد الميسورين في كل عام بمثل هذه الفترة.

وعلى مدار سنوات الحرب السورية السابقة ونظراً لغلاء سعر هذه الثمرة فقد شكلت عملية البحث عنها هاجساً للفقراء مما يدفعهم للمخاطرة بحياتهم في سبيل تأمين كميات منها لبيعها في السوق لتسد شيئا من رمق الحاجة والعوز لديهم.

الشيخ أبو صالح من بلدة السعن بريف حماة الشرقي قال لـ “سونا نيوز”: الفقر والعوز والجهل بمخاطر البحث عن الكمأة وارتفاع سعرها كل عام أكثر من العام الذي سبقه هو الذي يدفع بالبعض للمخاطرة بحياتهم في عمق البادية رغم تحذيراتنا لهم بضرورة عدم التوغل إلى الشرق لوجود مسلحين من فلول تنظيم داعش وانتشار الألغام والعبوات الناسفة التي خلفها مسلحو التنظيم في هذه المنطقة لكن كل مرة كان الجواب: الموت أرحم من الفقر والحاجة يا شيخ.

محمد وهو شاب يافع في العشرين من عمره قال: انا أخرج مع أخوتي ووالدتي وأقاربي للبحث عن الكمأة ونبيعها لأحد التجار في سوق مدينة سلمية بسعر مرتفع يساعدنا في دفع نفقات أدوية والدتي وشراء بعض الحاجيات الضرورية فهي تشكل لنا مصدر رزق هام في هذه الفترة من كل عام في حين نحاول أن نسلك طرق سبق أن عبرتها سيارات أو آليات لنضمن عدم وجود ألغام في هذه المنطقة في حين يبقى خوفنا من المسلحين الذين قتلوا الكثير من الأبرياء أثناء البحث عن الكمأة.

وفي هذا العام ومنذ بدء موسم الكمأة فقد شهد الأسبوعان المنصرمان فقط مقتل وإصابة مايزيد عن 85 مدنياً على الأقل أثناء جمعهم لمادة الكمأة في باديتي حماة وحمص وذلك بنيران مسلحين ينتمون لتنظيم داعش الإرهابي وبمخلفات الحرب.

حيث سجل العدد الأكبر من الضحايا في منطقة السخنة بريف حمص والتي قتل فيها مايزيد عن ٥٦ مدنياً بمجزرة نفذها مسلحو تنظيم داعش بحق هؤلاء الأبرياء أثناء جمعهم للكمأة في منطقة الضبيات بمحيط السخنة.

أحد الناجين من هذه المجزرة قال أنه وأثناء تواجده مع عائلته وأقاربه في منطقة ريف حمص السخنة وعند توغلهم شرقاً للبحث عن الكمأة في منطقة تسمى الضبيات فوجئ الجميع بسيارتين ودراجات نارية يستقلها مسلحون من تنظيم داعش قاموا بفتح نيران أسلحتهم على المدنيين من رجال وأطفال ونساء مما أدى لمقتل معظم من كان في هذه المجموعة ثم أقدم مسلحو التنظيم على حرق سيارات المدنيين قبل فرارهم بعد علمهم بفرار بعض المدنيين وإبلاغهم لأحد حواجز الجيش السوري القريبة.

وبالتالي فقد أكد مصدر ميداني أن وحدات الجيش السوري نفذت عملية تمشيط واسعة وسريعة لمحيط منطقة الإعتداء تمكنت خلالها من إنقاذ عدد من المدنيين المصابين في حين تمت ملاحقة مسلحي التنظيم الذين فروا إلى مناطق انتشارهم في الأودية والكهوف المنتشرة في البادية السورية قبل أن تطالهم نيران الجيش السوري وتوقع معظم هذه المجموعة المهاجمة بين قتيل وجريح.

الكمأة رزق الفقراء المغمس بالدم
الكمأة رزق الفقراء المغمس بالدم

وفي آخر حادثة إستُشهد ١٠ مدنيين وأصيب ٩ آخرين جراء انفجار لغم أرضي من مخلفات تنظيم داعش بسيارة كانت تقلهم أثناء جمعهم لمادة الكمأة في منطقة تل سلمة شرق سلمية بريف حماة الشرقي.

وكان قد سبق هذه الحادثة بأيام وصول جثامين ٣ شهداء مدنيين وصلوا إلى مشفى سلمية الوطني بعد أن طالتهم نيران مسلحي تنظيم داعش أثناء جمعهم لمادة الكمأة في منطقة تل سلمة بريف بلدة عقيريات شرق حماة.

في هذا الخصوص كان لـ “سونا نيوز” استفسار وجهناه للسيد إياد أحد قادة قطاعات الدفاع المحلي شرق حماة حول محاولة حواجز الجيش والدفاع المحلي منع المدنيين من التوغل في مناطق يعتقد أنها خطرة أجاب: “نحن تلقائيا نمنع أي مدني من التوغل إلى المناطق الخطرة ونحذر الجميع من مغبة الدخول في مناطق البادية الواسعة خشية تعرضهم لأي هجوم أو أي خطر من مخلفات الحرب ولكن معظمهم يسلكون طرقا أخرى مخاطرين بحياتهم وحياة أبنائهم في سبيل الحصول على بضعة كيلوغرامات من الكمأة.

إذاً وكما أسلفنا سابقآ فالكمأة ثمرة لذيذة وغالية الثمن لكن تبقى رحلة البحث عنها محفوفة بالمخاطر خصوصاً أن عمليات البحث عنها قد تستغرق أكثر من ١٢ ساعة متواصلة للوصول لمنطقة تنتشر فيها هذه المادة الملقبة ببنت الرعد.

وسيم زينو – سونا نيوز

اقرأ أيضاً:

 

مقتل قيادي من قسد بانفجار سيارة مفخخة في حي الشيخ مقصود بحلب

في مناطق قسد شرق سوريا محاكم بلا سجون وقضاة بلا شهادات جامعية

 

عن hadeel almnajed

شاهد أيضاً

"تحت ضغط البيروقراطية" تحديات إصدار الجوازات.. أزمة متجددة لا تحلها سوى المكاتب الخاصة وبأسعار خيالية

“تحت ضغط البيروقراطية” تحديات إصدار الجوازات.. أزمة متجددة لا تحلها سوى المكاتب الخاصة وبأسعار خيالية

“تحت ضغط البيروقراطية” تحديات إصدار الجوازات.. أزمة متجددة لا تحلها سوى المكاتب الخاصة وبأسعار خيالية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *