“الطوفان” والفصول السياسية.. حلم بالربيع وخريف العجز العربي

hasan jaffar 29 أكتوبر، 2023 الميدانية اضف تعليق 28 زيارة

“الطوفان” والفصول السياسية.. حلم بالربيع وخريف العجز العربي

يدخل الشتاء مبكراً على غزة هذا العام، فسماؤها ترعد وتبرق لكن ليس إنذاراً بنزول الغيث، وإنما تومض لهطول الموت الذي يروي الأرض بدماء أصحابها، في وقت يستمر خريف العجز العربي عن نصرة أهالي القطاع، أما الصيف الإسرائيلي فإنه ما زال مستمراً، يخلع العالم عنه رداء الإجرام منذ أيار عام 1948 مروراً بحزيران سنة 1967، ومحرقاً أجساد الفلسطينيين بحرارة الصواريخ لينز من مساماتها الدم لا العرق، حتى مع الشتاء الذي يجمد قرارات مجلس الأمن الدولي والخاص بإدانة القاتل الإسرائيلي.

وإذ امتد طوفان الأقصى على حدود أسبوعه الرابع، فإن سيوله ملأت بئر السبع ووصلت إلى أعلى قمة تل أبيب وَلَقَد تَّرَكتهما المقاومة آيتين فَهَلْ مِن مُّدَّكِر؟، ذلك الطوفان الذي عرّى الصمت العربي والدولي وتناقضاته لقلة من صعد إلى فلكه تضامناً أو استنكاراً، حيث تسير المقاومة بمفردها، يرافقها طوفان بشري في بعض دول العالم، فوق أمواج الطائرات المتلاطمة في سماء وكأنها بركان من النيران.

الصمت العربي هو بدوره آية أخرى لضعف الحكام العرب، ذلك ما أكده الناطق الرسمي لكتائب القسام “أبو عبيدة” خلال كلمته يوم أمس والتي لم يطالب عبرها بتحريك الجيوش العربية للدفاع عن أطفال العروبة والإسلام في غزة ولا عن أقدس مقدساتهم، غير أنه تساءل عن مقدار عجز الحكومات في تحريك سيارات الإغاثة والمساعدات الإنسانية إلى جزء من المفترض أنه أرض عربية إسلامية خالصة، رغما عن العدو، وذلك بعد أن أخذت المقاومة على عاتقها كنس الاحتلال وإساءة وجهه، نيابة عن العالمين العربي والإسلامي.

فقدت غزة الاتصال ولم تغب قدرة المقاومين على صد الهجمات البرية التي تشنها قوات الاحتلال، الأمر الذي دعا الولايات المتحدة الأمريكية للقول إن على القوات الإسرائيلية عدم الانزلاق إلى الوحل الغزاوي كما وصفته، في حين أعلن عضو قيادة حركة “حماس” في الخارج علي بركة، عن فشل التوغل الإسرائيلي في المحاور الثلاثة التي حاولت اختراقها، فضلاً عن ضرر ما لا يقل عن 6 دبابات إسرائيلية بصواريخ مضادة للدروع خلال التوغل.

فصول السنة في العالم أربعة إلا في فلسطين يضاف فصل آخر هو فصل الموت الغزاوي، هناك حيث يتبدى أمام ناظريه ويتساقط الشهداء كسقوط أوراق الخريف حتى باتت الأشياء جميعها موشاة بلون الدم القاني، وتبدو الأيام القادمة حاسمة لرسم مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن ما هو مؤكد أن الغزاويين كانوا وحدهم ثم وحدهم يتنظرون ربيع الحياة ولو بمشقة الموت العظيمة، في ظل صمت عربي مطبق يخالف دوي الانفجارات كل ليلة، فسلام على أهل غزة كل مطلع الفجر.

سونا نيوز