أخبار عاجلة
جمر تحت رماد "العنصرية".. هل بدأ "الربيع الفرنسي"

جمر تحت رماد “العنصرية”.. هل بدأ “الربيع الفرنسي”

جمر تحت رماد “العنصرية”.. هل بدأ “الربيع الفرنسي”

أشعل مقتل الفتى نائل المرزوقي ذي الأصول الجزائرية على يد الشرطة الفرنسية موجة عارمة من الاضطرابات داخل فرنسا وجعلها محط أنظار العالم، فيما تساءل مراقبون هل بدأ “الربيع الفرنسي” بعد أن صدروه إلى المنطقة العربية.

جريمة الشرطة الفرنسية بحق الفتى نائل التي وثقتها مقاطع فيديو، وانتشرت كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل أشعلت فتيل الاحتجاجات الشعبية في المدن الفرنسية تنديداً بالعنصرية التي مارستها الشرطة الفرنسية والتي تكشفت حقيقتها وعادت إلى جذور سياسة فرنسا الاستعمارية التي تدعي رفع لواء “حقوق الإنسان” والديمقراطية والدفاع عنهما.

بعض المتابعين وصف ما جرى ويجري في فرنسا حالياً “بالمفاجأة” غير السارة لحكومة فرنسا، فيما غالبية المحللين السياسيين يدركون أن هذه الجريمة كشفت مستوى ترسخ الكراهية لدى المجتمع الفرنسي والعنصرية التي تمارسها الشرطة، حيث أيد الفرنسيون بقوة الشرطي الذي قتل الفتى المهاجر نائل المرزوقي، حيث ظهرت عنصرية المجتمع الفرنسي جلياً في حجم الدعم الذي تلقاه الشرطي، في مقابل ما جُمع لوالدة الفتى نائل وهو من أصول جزائرية؛ حيث بدا أن أفراد المجتمع الفرنسي، يدعمون الجلاد على حساب الضحية.

ولعل حملة الدعم التي تلقاها الشرطي “القاتل” من خلال جمع التبرعات التي نظمت ووثقت هذا التوجه لدى المجتمع الفرنسي حيث جمعت الحملة أكثر من 370 ألف يورو، فيما لم يتجاوز المبلغ المقدم لوالدة نائل 67 ألف يورو.

ويؤكد سياسيون أن موجة الاحتجاجات العارمة على تلك الجريمة يضاف لها احتقان الجاليات ذات الأصول العربية من سياسات الحكومة الفرنسية، ستزيد من الضغط السياسي على الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته، إذ تمثل هذه الأحداث ضربة موجهة لصورة فرنسا على الصعيد العالمي التي كثيراً ما تاجرت “بحقوق الإنسان” عالمياً وخصوصاً في سوريا على مدى الحرب الإرهابية عليها.

فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كانوا رؤوس حربة في الحرب ضد سوريا تحت يافطة “حقوق الإنسان” والدفاع عن الديمقراطية، وهم من أكثر المجتمعات عنصرية التي عرفها التاريخ ضد الشعوب الأخرى، وما جريمة الشرطة الفرنسية وقبلها جرائم الشرطة الأمريكية بحق الأشخاص من أصول افريقية إلا مثال أكيد على هذه العنصرية المتجذرة داخل العقل المدبر لحكومات هذه الدول وحتى داخل مجتمعاتها.

صحيفة الغارديان الفرنسية عبرت بوضوح عما يجري في فرنسا، وقالت في مقال رأي للكاتبة رقية ديالو بعنوان” فرنسا تجاهلت عنف الشرطة العنصري منذ عقود، والآن تدفع ثمن ذلك بالتظاهرات”: منذ أن انتشر فيديو القتل الوحشي للفتى نائل، البالغ من العمر 17 عاماَ، على يد ضابط شرطة بالرصاص ومن مسافة قريبة، على نطاق واسع، أضحت الشوارع والمباني السكنية في العديد من الأحياء الفرنسية الفقيرة في حالة “احتجاج مفتوح”.

وأضافت الكاتبة الفرنسية: إن لسان حال وسائل الإعلام الدولية ربما كان “فرنسا تواجه لحظة “جورج فلويد” الذي قتل على يد الشرطة الأمريكية، وكأننا استيقظنا فجأة على قضية عنف الشرطة العنصري، وتعكس هذه المقارنة الساذجة في حد ذاتها إنكارا للعنف العنصري المنهجي الذي كان ملازماً لعقود من الزمن للشرطة الفرنسية.

جريمة مقتل الشاب نائل لم تكن الأولى على يد الشرطة الفرنسية، بل هناك جريمة مشابهة جرت عام 2005، حيث أن اثنين من الفتيان قتلا بالصعق الكهربائي بعد أن لجؤوا إلى محطة كهرباء فارغة، هرباً من ملاحقة الشرطة الفرنسية لهما، التي طاردتهما دون أن يرتكبا أي خطأ، بينما أصيب ثالث بحروق مروعة، في شواهد على العنصرية المتجذرة لدى الشرطة الفرنسية.

وفي مقابل صمت المجتمع الدولي ومنظماته وهيئاته على الجريمة الفرنسية، كان بارزاً موقف سوريا التي عانت على مدى 12 عاماً من دعم فرنسي للإرهاب فيها، حيث أصدرت الخارجية السورية بياناً شديد اللهجة قالت فيه: تابعت سوريا بقلق بالغ جريمة قتل الشاب نائل في إحدى ضواحي باريس، وذلك بدم بارد وبشكل متعمد من قبل الشرطة الفرنسية، الأمر الذي دفع الملايين للتظاهر، احتجاجاً على هذا التصرف الأرعن واللا مسؤول ممن يفترض بهم الحفاظ على أمن وحياة الناس.

الخارجية السورية أكدت أن سوريا إذ تدين بقوة هذه الجريمة البشعة فإنها تضم صوتها إلى الجهات التي تدعو إلى وضع حد للمشاعر، والسلوكيات العنصرية المتجذرة لدى أجهزة الشرطة والأمن الفرنسية والمسؤولين الفرنسيين، والتي تستهدف أساساً أبناء الجاليات، ما يعكس تأصل التفكير والعقلية الاستعمارية العنصرية، وهو الأمر الذي يكذب ما تدعيه الحكومة الفرنسية من قيم المساواة وعدم التمييز.

البيان الثاني المهم كان للخارجية الإيرانية، حيث دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ناصر كنعاني الحكومة والشرطة في فرنسا إلى ضبط النفس، ونبذ العنف واحترام مبادئ الكرامة الإنسانية والاحتجاج السلمي والاهتمام بمطالب المحتجين.

كنعاني أوضح أن “ممارسة التمييز العنصري” ضد المهاجرين وعدم تقبلهم وعدم تصحيح التعامل الخاطئ معهم من قبل بعض الدول الأوروبية، أدى إلى خلق أوضاع غير مناسبة للمواطنين الأوروبيين ولا سيما في فرنسا”، مشدداً على ضرورة احترام الحكومة الفرنسية مبادئ الكرامة الإنسانية وحرية التعبير وحق الاحتجاج السلمي للمواطنين ووقف التعامل التعسفي مع مواطنيها.

فرنسا التي يفترض أنها مهد “لحقوق الإنسان” حسب زعم مسؤوليها، فإن عدد حالات عنصرية شرطتها يتزايد عاماً بعد عام، ووفقاً لمصادر حقوقية دولية، فإن الشباب الذين يُنظر إليهم على أنهم من السود أو من أصل شمال أفريقي في فرنسا أكثر عرضة بنسبة 20 مرة لعمليات التحقق من الهوية من قبل تلك الشرطة، مقارنة بباقي السكان أو باقي الأصول.

جريمة نكراء اقترفتها الشرطة الفرنسية، إذ لا يمكن لأي عاقل في العالم إلا أن يندد بها، فهل تضع هذه الجريمة فرنسا على “صفيح ساخن” وتؤدي إلى تبديل سياستها العنصرية في الداخل والخارج، أم أن هذه الجريمة ستمر مرور الكرام، وكأن شيئاً لم يكن ودون أي رد فعل دولي ضدها؟

 

أديب رضوان – سونا نيوز

 

جمر تحت رماد "العنصرية".. هل بدأ "الربيع الفرنسي"

مقتل الفتى نائل المرزوقي

 

اقرأ أيضاً:

 

“هجرة الكفاءات”.. هل هي أحد أهداف الحرب على سوريا؟

“هجرة الكفاءات”.. هل هي أحد أهداف الحرب على سوريا؟

الشرطة الفرنسية 

عن ali

شاهد أيضاً

طوفان الأقصى وحدة الساحات

طوفان الأقصى وحدة الساحات

برز جلياً مؤخراً مصطلح ” وحدة الساحات” بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *